تقارير-السياسة-العامة-في-الإسلام
|

تقارير: السياسة العامة في الإسلام

شاركت د.بسمة عبد الغفار، نائبة رئيس معهد المقاصد، بورقة بحثية في المؤتمر العالمي التاسع للسياسات العامة والإدارة العامة في الشرق الأوسط الذي نظمته كلية الإدارة العامة واقتصاديات التنمية في معهد الدوحة للدراسات العليا عبر شبكة الإنترنت على مدار يومي الثامن والتاسع من ديسمبر 2020، وذلك بالتعاون مع رابطة السياسات العامة والإدارة العامة.

جاء عنوان المؤتمر هذا العام “الأزمات والصراعات والتحديات الأخرى.. إعادة التفكير في إصلاحات الحوكمة والسياسة العامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

وعرضت الدكتورة بسمة ورقتها البحثية بعنوان “فهم السياسة العامة في الإسلام.. تضمين التوحيد والمقاصد والشورى والإصلاح” في اليوم الثاني للمؤتمر. وقالت إن الوحي هو مصدر غير مستغل للمعرفة لمن يسعى إلى تصحيح حياتنا الأرضية، وأن طبيعته الشاملة تأخذنا إلى اتجاهات قد لا نأخذها بعين الاعتبار بالنظر إلى القيود البشرية أو الاعتبارات السياسية قصيرة النظر. وأضافت أن التوجيه الذي يقدمه الوحي ليس دينيًا فحسب، فهو يحثنا جميعًا على العمل من أجل نظام مشترك من السلام والعدالة من شأنه تكريم الإنسانية، وتشجيع الإبداع، وتأسيس الاستقلالية من خلال ترك تفاصيل تطبيقه للإمكانات البشرية والظروف الملموسة وتحديد أولويات العمل في أي لحظة تاريخية.

وتناولت الورقة المحاور التالية بالإضافة إلى شرح المنهجية المقاصدية وإطار الموضوع محل البحث:

* وباء كوفيد-19 والحقوق الدولية للملكية الفكرية ودور الدولة في هذا الصدد

ناقشت الورقة مبدأ العالمية والعدالة وأعادت التفكير في الأنظمة الدولية السائدة وحقوق الملكية الفكرية في إطار التعامل مع وباء كوفيد-19. ونقلت عن الباحث كونتريراس وآخرين قولهم “خلال وباء كوفيد-19، لاحظنا نحن وآخرون حالات أدت فيها القيود الموضوعة على حقوق الملكية الفكرية، وحتى الخوف والارتياب المُثار حولها، إلى إعاقة البحث الفعال عن اللقاحات والعلاجات، فضلاً عن تطوير وتصنيع وتوزيع أجهزة التنفس الصناعي، ومجموعات الاختبار، ومعدات الحماية والإمدادات الطبية الأخرى”.

* العلاقة بين الدين والدولة

ذكرت الورقة أن السياسات العامة في العموم لا تخضع لاعتبارات دينية، إلا أن فصل الدين عن الدولة هو مفهوم وهمي من السهل تفنيده عبر النظر السريع للأحزاب والمنصات السياسية حول العالم.

في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يتحدث السياسيون بصراحة حول انتماءاتهم ومعتقداتهم الدينية. وفي كندا، تقود القيم المسيحية المحافظة التأثير على انتماءات الناخب وتمايز سياسة الحزب، والأمر نفسه في أوروبا بأحزابها المسيحية الديمقراطية والاشتراكية العديدة. وفي اسرائيل، أُجريت المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس اعترافهم باسرائيل كـ”دولة يهودية”. وفي الهند، أشعل ناريندرا مودي، رئيس الوزراء، نيران التطرف الهندوسي. وفي الصين، يُعد الانتماء لإلحاد الدولة دينًا بحد ذاته مع هيمنة الكونفوشية والطاوية على العقليات هناك. أما في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، فهي محكومة بدول تزعم بعض المرجعية الإسلامية.

وقالت د. بسمة عبد الغفار: “ليست القضية في التقاء الدين والدولة إذن، ولكن أي دين ومن يدين به هو المعيار الذي سيسمح بمثل هكذا تواجد، وكيف يتم التعبير عن هذا الخيار والذي سيؤثر بدوره على السياسة”.

* مركزية الوحي

أشارت الورقة إلى أن السياسة العامة عادة لا تتفقد الوحي، وإنما هو يقدم لها إرشادات مهمة حول الكيفية التي يجب أن يعمل العالم وفقها، لكن الالتباس حول طبيعة محتوى القرآن عند البعض يحجب الإشارة إلى هديه لأغراض سياسية.

وذكرت الورقة أن فهم كيفية ازدهار الإنسان الواردة في القرآن هي مخصصة للبشرية جمعاء بغض النظر عن عقيدتهم، وذلك باعتبار أن الوحي يخاطب الناس أجمعين.

ولفتت إلى التأثير الكبير الذي تُخلفه السياسة العامة على نوعية حياة الأفراد والمجتمعات. ويأتي الوحي ليحدد مسارات العمل التي تتخذها السلطات العامة لمعالجة مشكلة، أو الاستفادة من فرصة، سواء بالنسبة للشعب عمومًا أو لفئة بعينها أو طبقة اجتماعية مميزة.

* مقاصد الشريعة

والمقصود بها الغايات والأهداف العليا التي تجمع بين المفاهيم المركبة، التي تدمج المفاهيم والأهداف والقيم والسنن الإلهية والأحكام والفئات والحجج ذات الصلة في وقت واحد، وتلعب دورًا مهمًا في مثل هذه المفاهيم. هذه الأهداف أو المقاصد، كما ذكرت الورقة، ليس المقصود منها أن تُستخدم كأداة للدعوة بل كمصدر معلومات لمن يبحث عن الحقيقة حول كيفية إنشاء حياة كريمة لا تحافظ على أفضل ما في الإنسانية وتقدمها فحسب، بل تشمل قيمة وحقوق كل كائن حي.

تسلط دراسة د.بسمة حول حقوق الملكية الفكرية الضوء على كيفية الاستفادة من منهجية المقاصد المتجددة لتقييم السياسة الحالية بشكل نقدي أو لتصميم سياسة جديدة تمامًا بطرق تمكن من ازدهار الإنسان.

ومن شأن ترسيخ سياسات المقاصد أن توجه موقف الأمة في العالم، وتعبر عن أهدافها وتدافع عنها، وتُعرف المفاهيم المهمة، وتعمل على أساس القيم المنبثقة عنها، وتحترم السنن الإلهية، وتقبل القوانين العالمية، وتقر بدور وطبيعة الفئات المشاركة في عملية السياسة وتفهم الحجج التي تظهر نقاط القوة والضعف في موقفها.

وقالت د. بسمة عبد الغفار: “علينا أن ننظر مليًا فيما يجب أن يقدمه الوحي لدراسات السياسة وأن نزيد من استخدام عقولنا التي ميَّزنا الله بها”.

Share it on your